صديقي .. الذي لم أراه سوى مرة واحدة !

1327870147_4918

علمت بأني قد ولدت مؤخراَ … وأصبح لدي تاريخ ميلاد! يتكرر في كل سنة ويعاد … وعلمت بأني حملت اسماً تماما كباقي العباد…! وبأن عائلتي تتألف من أبٍ وأمٍّ وأختٍ وأثنين من الأولاد… وكالعادة سأتطفل عليهم وأعيشَ بينهم لأصبح سادسهم!

كبرت وترعرعت وكبرت مخيلتي … وزاد إدراكي للأمور… وزادت مسؤوليتي ،  فــولّت تماما أيام اللعب والطيش والفتور!

وها قد أتت أيام العمل الدءوب وأكلِ الطّوب! والتملص والهروب! من كل ما حولي ..

اعتاد جسمي على ما أنا عليه !!! واعتاد الروتين أن يكون بجانبي كظلي! لا يفارقني!!! لكن ما بداخلي لم ولن يعتاد على ذلك … نعم! فهنالك شخصٌ ثانٍ يعيش بداخلي! كما لكل منّا … شخص يختلف تمام الاختلاف عن الشخص الذي اعتاده الناس!!! شخص كنت أتوقع أنه لا يعرف هويته سواي !!!

طوال هذا العمر الذي أجده قصيراً في عدد سنينه! طويلاَ في مواقفه التي عشتها… لم اعتد على وجود أحد كشف هويتي الحقيقة! حتى أقرب الناس إليّ! لم اعتد أن أكون شخصاً ضعيفا يبوح بكل ما بداخله … دون إرغامٍ من أحد… وهذا ما لم يكن في الحسبان ! أن يأتي ذلك اليوم … الذي تجمعني فيه الصدفة بمن يقشّع عنّي الستار!!! وينبّش في دواخل دواخلي! ويخرج ذلك الشخص الآخر منها … الذي هو “أنا” أنا على حقيقتي!

نعم … أدخلت الصدفة شخصا في حياتي استخدم كل الأوتار دون أن يدري … ليلعب بها على كلّ ما فيّ … فإن كان في عقلي كذب… انقلب لحقيقة! وإن كان في قلبي شعور سيء فسرعان ما ينقلب لشعور طيّب نقيّ … فقط بوجوده! يمتلك من الكلمات أكثرها تأثيرا! ومن المشاعر الطيبة النبيلة أسماها! ومن الذوق الرفيع أحسنه! ومن الرقة أجمل معانيها! يمتلك القدرة على التأثير بقوّة على كياني ، يعرف كيف يستشف  مني ما يريده ، دون أن يباشر بطلبه، والأهم أنه يعرف كيف يجعلني سعيداً كان معي أم لم يكن … يعرف كيف يجعلني “أنا” حتى لو كان ذلك في لحظات وجوده فقط! فجميل أن يتعرف الإنسان على الإنسان الذي يسكن في داخله من حين لآخر … وجميل أن يكون لنا في هذه الحياة صندوق أسرارٍ محكم الإغلاق!

فلا يستطيع الواحد منا أن يكتم ما بداخله لفترة طويلة! سيؤدي ذلك للانفجار يوماً ما…!!!

وسيحدث ضرراً كبيرا بنا وبأولئك الذين من حولنا !

ولا يستطيع أيضاً أن يبوح بكل ما لديه فيحدث ضرراً أكبر منه أن يكبح رغبة لسانه في الثرثرة!!!

كم هو رائع صديقي!!! يصغي لي بكل ما أوتي من حواس! حتى لو لم يكن في مزاجٍ يسمح له بذلك.

يجعلني ابتسم بالرغم من حزنه .

يقول بأني خُدعتِ به! فما أجمل الخداع إن كان هكذا!

ويستثنيني دون الكل! ويقضي معي معظم وقته ! حتى يكلّ الكلل ويملّ الملل! وتصرخ أزرار لوحة المفاتيح “ارحموني… ارحموني” …!

هذه ليست حكاية عشقٍ أو ما شابه! وحاشى لله أن تكون كذلك!!! إنما هذه وقفة لعظمة خالق!!!  أعطى لعبدٍ ما لم أجده بآخر !!!

ذكاء وفطنه!! حياء وجرأه! براءةٌ وخشونة! صرامة وليونة … والكثير الكثير!

مهما أطلقت لكلماتي عنانها لن تبلغ الحد الوفير!!! فصديقي هذا نعم أخ لم تلده أمي !!! قصة يعجز عنها القلم!!! ويصعب عنها التعبير .

5 رأي حول “صديقي .. الذي لم أراه سوى مرة واحدة !

  1. كلمات ولا احلى ولا أنبل نابعة من شخص ولا أروع ،،، سلمت يداك عزيزي ،،، وبارك الله في قلبك الصافي وفي صديقك الذي يحمل صفات قل وجودها هده الأيام ،،
    ادام الله المحبة والاخاء بينكم يارب

    Liked by 1 person

  2. ابدعت وابداعك ماليشي حدود كلمات رائعه من شخص اروع ربي يحفظك
    ونبي نقولك انه الوورد مش مشهور هلبا ومش كل حد يعرفه وانا ماكنتش نعرفه ودخلت عليه عشان نشوف مدونتك انشرفي مواقع تواصل اكثر شهره زي الفيس والانستا حتلقى اعجاب كبيره لكلماتك واستمر

    Liked by 1 person

    1. تسلميلي ياسارة وكلك ذوووق والله وربي يحفظك حتى انتي ان شاء الله … إن شاء الله حنحاول نكتب ونشارك في مواقع أكثر نشاط … بس الوورد بريس نحس فيه زي المذكرة الخاصة بيا … يعني الأرشيف الأصلي للي بننشره لاحقا في مواقع مختلفة … شكرا على التعليق الأكثر من رائع 🙂

      إعجاب

  3. كلمات من احسن ما يكون مع اني قاريها من كم سنة ولكن اليوم عدت لاطالعها لاني تمنيت ان اكون ذلك الانا

    إعجاب

أضف تعليق